قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> اليابان -> اليابان الجديدة -> الانقلاب الثقافي


البلاد؛ فالانتقال المضطرب من الصناعة اليدوية إلى الصناعة الآلية، وهجمة الأذواق والأساليب الأجنبية على أهل البلاد متسترة برداء من الظفر والثروة، قد أدى إلى زعزعة الحس الجمالي عند اليابانيين وإضعاف ذوقهم بحيث لم يعد على ما كان عليه من ثبات؛ وهاهي ذي اليابان قد اختارت السيف اتجاهاً، فلعلها قد كُتب لها أن تعيد تاريخ الرومان - بأن تقلد في الفن - وتسود في الإدارة والحرب .
لقد لبثت الحياة العقلية في الإمبراطورية الحديثة جيلاً اتجهت خلاله نحو ممالأة الأساليب الغربية، فتكاثرت الكلمات الأوربية في لغة القوم، ونظمت الصحف على الطريقة الغربية، وأنشئت مجموعة من المدارس العامة على غرار المدارس النموذجية الأمريكية؛ إذ صممت اليابان تصميم الأبطال على أن تجعل من نفسها أمة تكون أسبق أمم الأرض جميعاً في إزالة الأمية، وقد نجحت فيما أرادت، ففي سنة 1925 كان يختلف إلى المدارس من أبناء البلاد 4ر99 في المائة(31)، وفي سنة 1927 كان في مستطاع 93 في كل مائة من أهل البلاد جميعاً أن يقرءوا(32)؛ فقد أقبل الطلاب على الحركة العرفانية العلمانية الجديدة إقبالاً فيه حرارة الإيمان الديني، حتى لقد أفسد مئات منهم صحة أبدانهم بسبب حماستهم في كسب المعرفة(33)؛ واضطرت الحكومة اضطراراً أن تتخذ الوسائل الفعالة لتشجيع الرياضة البدنية والألعاب بكافة صنوفها، القومي منها والمستعار من البلاد الخارجية؛ وخرج التعليم من كنفه الديني واصطبغ بصبغة علمانية أكثر مما اصطبغ به التعليم في معظم الأقطار الأوربية؛ وأعينت خمس جامعات إمبراطورية، وقامت إحدى وأربعون جامعة أخرى - قد تقل في نزعتها الإمبراطورية عن تلك الخمس - وضمت بين جدرانها آلاف الطلاب المتحمسين؛ وفي سنة 1931 كانت الجامعة الإمبراطورية في طوكيو تشتمل على 8064 طالباً، وجامعة كيوتو تشتمل على 5552 طالباً(34).


صفحة رقم : 1590