قصة الحضارة -> حياة اليونان -> العصر الذهبي -> النزاع بين الفلسفة والدين -> سقراط -> قناع سيلينس


مواصلة حرفة أمه، ولكنه نقلها إلى دائرة الأفكار، فكان يساعد غيره على أن يخرجوا للعالم آراءهم. وتقول إحدى الروايات إنه ابن أحد الأرقاء(120)، ولكنا نرجح بطلان هذه الرواية لأنه عمل هيليتا أي جندي في فرق المشاة الثقيلة (وذلك واجب لا يضطلع به إلا المواطنون(121))، وأنه ورث عن أبيه بيتاً، وكان عنده من المال سبعون مينا (000ر7 ريال أمريكي)، يستثمرها له صديقه أقريطون(122)، أما فيما عدا هذا فإنه يصور لنا على أنه رجل فقير(123). وقد عني عنايةً كبيرةً بصحة جسمه، وكان في غالب أيامه قوي البنية جيد الصحة، واكتسب شهرةً فائقةً في الجندية أثناء حرب البلوبونيز، وحارب في بوتيديا Potidaea عام 432، وفي ديليوم Delium عام 424، وفي أمفبوليس عام 422. وفي بوتيديا أنقذ حياة الشاب ألقبيادس وسلاحه، ونزل عن جائزة الشجاعة إكراماً لخاطر هذا الشاب، وفي ديليوم كان آخر من تقهقر من الأثينيين أمام الإسبارطيين، ويلوح أنه أنجى نفسه بالتحديق في العدو، فخافه الإسبارطيين وهم قوم لا يخافون. ويقال إنه في هذه الوقائع كلها بز جميع أقرانه في قوة الاحتمال وفي الشجاعة، وإنه كان يصبر على الجوع والتعب والبرد فلا يشكو ولا يتململ(124). أما في بلده، إذا طاوعته نفسه على الإقامة فيه، فكان يشتغل بقطع الأحجار ونحت التماثيل، ولم يكن مولعاً بالأسفار، وقلما كان يخرج من المدينة ومرفئها. وتزوج من إكسانثبي Xanthippe التي كانت تعيب عليه إهمال شئون أسرته، فكان يعترف بعدالة شكواها(125)، ويثني على كرم أخلاقها وحسن معاملتها لابنه وأصدقائه. ولم يكن الزواج يضايقه قط فقد يبدو أنه اتخذ لنفسه زوجة ثانية حين أباح القانون تعدد الزوجات مدة قصيرة لكثرة من قتل في الحروب من الذكور(128).
والعالم كله يعرف وجه سقراط وملامحه. وإذا حكمنا عليه من تمثاله النصفي المحفوظ في متحف ترمي Museo Dell Terme برومة، وذلك حكم لا يستند إلى


صفحة رقم : 2294