قصة الحضارة -> عصر نابليون -> ملوك أوروبا في مواجهة التحدي -> الشعب الألماني -> الاقتصاد

الفصل الثلاثون


الشَّعْبُ الأَلْمَاني


9871 - 2181


1- الاقتصاد


كان الألمان في سنة 0081 شعباً ذا وعي طبقي، قَبِل التقسيم الطبقي كنسق للنظام الاجتماعي والتنظيم الاقتصادي، وقلما يحصل الشخص على لقب من ألقاب النبالة إلا بالميراث (أي يكتسبه عند ميلاده)· لقد لاحظت مدام دي ستيل de Staelأنه في ألمانيا يحافظ كل شخص على رتبته (طبقته) ومكانه في المجتمع وكأنما هما (الطبقة والمكانة) أمراً راسخا (غير قابل للتغيير)(1)، وكان هذا الوضع أقل وضوحا على طول الراين وبين خريجي الجامعات، لكن - بشكل عام - كان الألمان أكثر صبرا من الفرنسيين، فلم يصل الألمان إلى وضع الفرنسيين في سنة 9871 إلا في سنة 8481·
لقد كان تأثير الثورة الفرنسية في الأدب مثيرا، وكان تأثيرها في الصناعة الألمانية سطحيا· لقد كان في ألمانيا موارد طبيعية ثرية، لكن استمرار النطام الإقطاعي وسلطة البارونات الإقطاعيين في الدول الألمانية الوسطى والشرقية أبطأ من نهوض طبقة رجال الأعمال والمستثمرين الصناعيين التي كان يمكن أن تزدهر في ظل الحوافز المتاحة في الاقتصاد الحر وغير الطبقي، مما يتيح للصناعة الاستفادة من الفحم والمعادن المتوفرة بكثرة في الأرض الألمانية· أما التجارة فقد ساعد على ازدهارها مجموعة من الأنهار الرائعة: الراين، والفستر Wester والإلب Elbe والسال Saale والمين Main والسبري Spree والأودر Oder لكن تمزق الكيانات الألمانية (أو بتعبير آخر عدم اتحاد ألمانيا، وبقاؤها في كيانات سياسية منفصلة) جعل الطرق قصيرة قليلة غير معتنى بها، وفرض على المرور بها ضريبة مرور، وقطعها اللصوص وقطاع الطرق· ومما عوق التجارة القيود التي فرضتها الروابط (التكتلات) التجارية والصناعية، والضرائب الباهظة واختلاف المقاييس والمكاييل والموازين والعملة والقوانين من منطقة إلى أخرى·
وكان على الصناعة الألمانية أن تواجه حتى سنة 7081 منافسة البضائع الإنجليزية التي أنتجتها أحدث الآلات· لقد نعمت إنجلتر بجيل الريادة في الثورة الصناعية ومنعت تصدير تكنولوجيتها الجديدة كما منعت فنييها المهرة من العمل في الدول الأخرى(2)· لقد عمل إله الحرب ذو الوجهين على ازدهار الصناعات لإطعام الناس وكسوتهم وقتلهم، فانتعش الاقتصاد الوطني، وبعد سنة 6081 أدى الحصار القاري الذي فرضه نابليون إلى منع البضائع البريطانية من دخول القارة على نحو قل أم كثر، مما ساعد الصناعات داخل القارة على النمو (لمواجهة نقص البضائع الواردة)· لقد تطورت صناعة استخراج المعادن وتصنيعها في غرب ألمانيا خاصة في دوسلدورف Dusseldorf وإسن Essen وماحولهما· ففي سنة 0181 بدأ فريدريش كروب Friedrich krupp (7871 - 6281) في إسن Essen مجمع صناعات معدنية ظلت تسلح ألمانيا لقرن·
ورغم هذا الجهد الذي كان يبذله رجال الصناعة فقد كان النبلاء والملك ينظرون إليهم نظرة دونية باعتبارهم مستغلين طلاب ربح، ولم يكن مسموحا لتاجر أو مستثمر صناعي أن يتزوج من طبقة النبلاء أو أن يشتري أرضا يمكنه أن يفرض عليها رسوما إقطاعية· وكان مسموحا للما ليين - من الهوجونوت (طائفة من البروتستنط) أو اليهود أو غيرهم - أن يقرضوا النبلاء والملوك، لكن عندما اقترحوا في سنة 0181 أن تحذو بروسيا حذو إنجلترا وفرنسا بتأسيس بنك وطني يصدر سندات مالية بفوائد منخفضة، وبذا يساعد الدين العام في تمويل الدولة، كان من رأي الملك والنبلاء أن مثل هذا الإجراء سيجعل المملكة تحت رحمة رجال البنوك (الماليين)· ورفضت بروسيا أن يتحكم في الأمة مديرو العاصمة، وإنما كانت أكثر ميلا إلى أن يقودها العسكريون والأرستقراطية (اليونكر Junker)·



صفحة رقم : 14717