قصة الحضارة -> عصر نابليون -> ملوك أوروبا في مواجهة التحدي -> ألمانيا ونابليون -> سكسونيا
4- سكسونيا
إلى الشرق من وستفاليا وإلى الجنوب من بروسيا وُجِدت دولة ألمانية عرفها أهلها باسم Sachsen وعرفها الفرنسيون باسم ساكس Saxe كانت ذات يوم تمتد من بوهيميا إلى البلطيق، وقد تركت هذه الدولة آثارها في الأسماء المختلفة في بريطانيا التي تنتهي بالمقطع (Sexes) هذه الدولة قد لحقها الخراب في وقت لاحق بسبب حروب الأعوام السبعة لكنها الآن (من هذه الفترة) تنعم بناخبية (إمارة: بالمعنى السابق شرحه) مزدهرة تمتد على جانبي نهر الإلب Elbe من فيتنبرج Wittenberg (التي شهدت شطراً من حياة لوثر) حتى دريسدن Dresden (باريس ألمانيا)·
وفي ظل حكم فريدريك أوغسطس الثالث كناخب (له حق المشاركة في اختيار إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة) (في الفترة من 8671 - 6081) وكملك (فريدريك أوغسطس الأول) في الفترة من 6081 إلى 7281 سرعان ما استعادت سكسونيا ازدهارها خاصة وهي تنعم بنهر الإلب الذي يرويها وكأنه أم رؤوم· ونعمت دريسدن Dresdn مرة أخرى بعمائرها المشيدة على وفق طراز الروكوكو rococo وشوارعها الفسيحة وجسورها الجميلة، وتماثيل العذراء، وفخارها المنقوش· وأدار الحاكم الشاب - رغم عدم تفوقه كرجل دولة - مملكته بشكل حكيم وأنفق موارده بعناية وسدد الدَّيْن الوطني وطوّر مدرسة مشهورة للتعدين في فريبرج Freiberg·
وواصلت ليبزج (ليبتسيج Leipzig) تنظيم معرض الكتاب الذي يُعقد فيها سنوياً الذي كان ناشرو أوروبا يعرضون فيه آخر إصداراتهم فنافست بذلك درسدن· وأدى انتعاش الأدب الألماني إلى التفوق الفكري·
وانضم فريدريك أغسطس العادل أو المستقيم إلى بروسيا والنمسا في محاولة تهذيب الثورة الفرنسية وأسهم في معركة فالمي في سنة 2971، وكانت قواته مع الجيش البروسي المنسحب· لقد انزعج كثيراً لإعدام ابن عمه لويس السادس عشر لكنه انضم راغباً إلى جهود السلام مع فرنسا في سنة 5971· وعندما وصل نابليون إلى السلطة حافظ فريدريك على علاقات طيبة معه، وكان نابليون يحترمه كمستبد عادل (متنوّر) يحب شعبه· وعلى أية حال، فعندما كانت جيوش نابليون تقترب في سنة 6081 من جينا (يينا) وقع فريدريك بين المطرقة والسندان: حذَّره نابليون ألا يترك الجيش البروسي يمر في أراضي سكسونيا، لكن بروسيا أصرَّت على مرور جيشها وغزت سكسونيا، فاستسلم الناخب وترك جيشه الصغير ينضم للجيش البروسي· و عامل المنتصرُ (نابليون) فريدريك أغسطس بتساهل نسبي فعرض عليه أن يدفع لفرنسا تعويضاً مقداره 52 مليون فرنك وأمره أن يغير لقبه ليُصبح (ملك سكسونيا) وجعله على رأس دوقية وارسو (فرسافا) Warsaw الكبيرة وأجبر بروسيا على التنازل لسكسونيا عن مناطق Circle of Cattbus على الشاطئ الغربي لنهر سبري Spree· وهكذا أصبحت بروسيا محصورة بين بولندا من الشمال والشرق، ووستفاليا من الغرب وسكسونيا من الجنوب - وكلها مُعاهِدَة لنابليون· لقد بدا وكأن المسألة مسألة وقت لتتبع بروسيا بقية ألمانيا في خضوعها لفرنسا النابليونية (فرنسا في ظل حكم نابليون)·